اندفاع ليفربول الصامد نحو المجد في الدوري الإنجليزي الممتاز
واصل ليفربول سعيه نحو لقب الدوري الإنجليزي الممتاز بفوزه الصعب على ساوثهامبتون 3-1 على ملعب أنفيلد.
على الرغم من الأداء البطيء في الشوط الأول الذي شهد تأخرهم بهدف ويل سمولبون، إلا أن الريدز عادوا بقوة في الشوط الثاني. هدف التعادل الذي سجله داروين نونيز وركلتي جزاء سجلهما محمد صلاح ببراعة ليضمن لفريق المدرب يورغن كلوب النقاط الثلاث. وبهذا الفوز وسع ليفربول الفارق في صدارة جدول الترتيب إلى 16 نقطة عن أرسنال صاحب المركز الثاني، الذي لا يزال لديه مباراتين في متناول اليد. وقد أظهر ليفربول هذا الموسم مزيجًا من المرونة والتصميم، وهي الخصائص التي ميزت فترة كلوب. كانت مباراة يوم السبت "مباراة كلاسيكية من شوطين"، وهو مصطلح غالبًا ما يستخدم لوصف المباريات ذات الأداء المتباين في كل شوط. شهدت أول 45 دقيقة معاناة ليفربول في أول 45 دقيقة لإيجاد الإيقاع والتماسك. استفاد ساوثهامبتون، على الرغم من تراجعه بقوة في قاع جدول الترتيب، من الضعف الدفاعي لليفربول.
خلط بين الحارس أليسون بيكر والمدافع فيرجيل فان ديك سمح لسمولبون بالتسجيل، تاركًا مشجعي الأنفيلد مذهولين. ومع ذلك، كان الشوط الثاني قصة مختلفة. أثبتت تعديلات كلوب بين الشوطين أنها كانت محورية. جلب دخول أندي روبرتسون وأليكسيس ماك أليستر وهارفي إليوت الطاقة والإبداع إلى الفريق. بدا ليفربول على الفور أكثر حدة، وكوفئت جهودهم في الدقيقة 51 عندما قام لويس دياز بعمل لا هوادة فيه على الجهة اليسرى، حيث هيأ لويس دياز الكرة لداروين نونيز لتسجيل هدف التعادل. وبعد دقيقة واحدة فقط، حصل نونيز على ركلة جزاء نفذها صلاح برباطة جأش وحوّلها ببراعة إلى هدف التعادل. وأضاف صلاح ركلة جزاء أخرى في أواخر المباراة ليؤكد على ثباته تحت الضغط. سلط الفوز الضوء على عمق ليفربول وقدرته على التكيف.
بينما قدم نجوم مثل صلاح ونونيز أداءً رائعًا في الهجوم، استفاد الفريق أيضًا من مساهمات اللاعبين الأقل شهرة. كان ترينت ألكسندر-أرنولد، الذي واجه انتقادات بسبب أدائه الدفاعي هذا الموسم، ممتازًا في هذا اليوم، حيث جمع بين الدفاع الصلب والتمريرات الدقيقة التي يتميز بها. كان أداؤه رمزًا للمجهود الجماعي لليفربول. كانت هيمنة ليفربول في الدوري هذا الموسم رائعة، لكنها لم تخلو من التحديات. لقد اختبرت الإصابات وازدحام المباريات الفريق. مباريات مثل تلك التي خاضها الفريق أمام ساوثهامبتون تؤكد على أهمية المداورة في الفريق والقدرة على تحقيق النتائج، حتى عندما لا يكون الفريق في أفضل حالاته. كان التزام كلوب بتطوير اللاعبين الشباب واضحًا أيضًا، حيث حصل المدافع الشاب جاريل كوانساه على دقائق ثمينة في وقت متأخر من المباراة. وبفارق 16 نقطة قبل تسع مباريات متبقية من نهاية الموسم، يحتل ليفربول مركزًا متقدمًا.
ومع ذلك، فإن مباراتين متبقيتين لأرسنال تعني أن المنافسة على اللقب لم تنتهِ بعد. وقد أكد كلوب مرارًا وتكرارًا على أهمية التركيز والثبات، مدركًا أن أي هفوة في التركيز قد تفتح الباب مجددًا أمام منافسيه. كانت فلسفة المدرب الألماني التي تعتمد على الضغط العالي وكرة القدم الهجومية عاملًا رئيسيًا في نجاح ليفربول. ومع ذلك، فإن مرونة الفريق وقدرته على التكيف مع المواقف المختلفة هي التي ميزته هذا الموسم. كانت المباراة ضد ساوثهامبتون تذكيراً بالصلابة الذهنية المطلوبة ليكونوا أبطالاً. على الرغم من ضغط التوقعات والتذبذب العرضي، وجد ليفربول باستمرار طرقًا للفوز. بالنسبة لكلوب، فإن الفوز بالدوري الإنجليزي الممتاز سيشكل علامة فارقة أخرى في فترة ولايته في ليفربول.
بعد أن قاد النادي إلى الفوز بدوري أبطال أوروبا في عام 2019 ولقب الدوري الإنجليزي الممتاز التاريخي في عام 2020 (الأول منذ 30 عامًا)، فإن لقبًا آخر سيعزز إرثه كأحد أعظم المدربين في النادي. كما أنه سيكون بمثابة شهادة على تطور الفريق، حيث يمزج بين اللاعبين ذوي الخبرة مثل صلاح وفان ديك والمواهب الصاعدة مثل إليوت وكوانساه. مع دخول الموسم في مرحلته الأخيرة، يأمل مشجعو ليفربول أن يواصل فريقهم هذه المسيرة من التألق. لا تزال ذكريات الانكسارات السابقة والإخفاقات الوشيكة في المنافسة على اللقب حاضرة في الأذهان، لكن يبدو أن فريق ليفربول هذا مصمم على كتابة قصة مختلفة.
مع مزيج من الحنكة التكتيكية والتألق الفردي والعزيمة الجماعية، يمتلك الريدز كل المقومات لاستعادة مكانته في قمة كرة القدم الإنجليزية. سواء كان ذلك بفضل الهدوء الذي يتمتع به أليسون في حراسة المرمى، أو الصلابة الدفاعية التي يقدمها فان ديك، أو الطاقة التي لا هوادة فيها للاعبين مثل روبرتسون ودياز، فقد أظهر ليفربول أنه قادر على التغلب على الشدائد. ربما لم يكن الفوز على ساوثهامبتون هو الأداء الأكثر إقناعًا، لكنه كان بلا شك أحد أهم أدائهم.
كما يقول كلوب في كثير من الأحيان، فإن "وحوش العقلية" هو أكثر من مجرد لقب - إنه أسلوب حياة لفريق ليفربول هذا.