جاري التحميل

الصعوبات والتفاوتات المالية في أندية الدرجة الأولى في الدوري الفرنسي

خضع المشهد المالي للدوري الفرنسي للتدقيق، حيث سلط التقرير الأخير للميزانية الصادر عن المديرية الوطنية للرقابة والإدارة (DNCG) الضوء على التحديات المالية الكبيرة التي تواجهها الأندية الكبرى في الدوري.

فقد كشف موسم 2023-2024 عن خسائر مالية كبيرة لأندية باريس سان جيرمان وأولمبيك ليون وأولمبيك مارسيليا، وهي من أبرز الأندية وأكثرها قوة مالية في الدوري الفرنسي. وعلى الرغم من الإيرادات الكبيرة التي حققتها هذه الأندية وتشكيلة النجوم التي تضمها إلا أنها أقفلت حساباتها المالية في المنطقة الحمراء، مما أثار تساؤلات حول الاستدامة والإدارة المالية. فنادي باريس سان جيرمان، المعروف باستثماراته الضخمة في التعاقدات ورواتب اللاعبين، أعلن عن خسارة مذهلة بلغت 60 مليون يورو. وتبلغ فاتورة أجور النادي 658.5 مليون يورو، وهو رقم فلكي فلكي يدل على إنفاقه الضخم الذي يهدف إلى الحفاظ على قدرته التنافسية في المسابقات المحلية والدولية. وعلى الرغم من هذه الاستثمارات، فإن الحالة المالية للنادي مثيرة للقلق، خاصةً أن الإيرادات مثل حقوق البث التلفزيوني لم تواكب النفقات. ولم يكن حال أولمبيك ليون وأولمبيك مرسيليا أفضل بكثير.

فقد أعلن ليون عن خسائر بلغت 25.7 مليون يورو، في حين بلغ العجز المالي لنادي مارسيليا 39 مليون يورو. وقد استثمر كلا الناديين، مثل باريس سان جيرمان، بكثافة في أجور اللاعبين، حيث بلغت فاتورة أجور مارسيليا 148.2 مليون يورو وليون 161.9 مليون يورو. هذه الأرقام تضعهما من بين أعلى المنفقين في الدوري، ومع ذلك لم تكن عائداتهما المالية كافية لتغطية هذه التكاليف. لا تقتصر الاختلالات المالية على باريس سان جيرمان وباريس سان جيرمان ورابطة الأبطال وأوم. فهناك أندية أخرى مثل أو جي سي نيس، الذي سجل عجزًا بقيمة 26.7 مليون يورو، يجدون أنفسهم أيضًا في وضع غير مستقر. ومع ذلك، هناك أندية في الدوري الفرنسي أظهرت حصافة ومرونة مالية. فعلى سبيل المثال، برز نادي ليل ليل كأكثر الأندية التي حققت أرباحًا بلغت 16.8 مليون يورو.

كما أظهر ناديا آر سي لانس وتولوز أداءً ماليًا إيجابيًا، حيث حقق الناديان أرباحًا بلغت 7.5 مليون يورو و7 ملايين يورو على التوالي. ومن العوامل الهامة التي ساهمت في المشاكل المالية لهذه الأندية هو انخفاض عائدات حقوق البث التلفزيوني، وهو مصدر دخل رئيسي لفرق الدوري الفرنسي. في الموسم الماضي، لوحظ أن خمسة أندية استحوذت على 56.5% من إجمالي إيرادات حقوق البث التلفزيوني. واستحوذ باريس سان جيرمان وحده على ما يقرب من ربع هذه الإيرادات (24.6%)، يليه لانس (9.7%)، ثم مارسيليا (9.3%)، وليل (6.6%)، وليون (6.3%).

وقد أدى هذا التركيز في الإيرادات إلى اختلال التوازن التنافسي وفرض ضغوطًا مالية على الأندية التي لا تنتمي إلى الدرجة الأولى من حيث الدخل. إن التحديات المالية التي تواجهها أندية الدوري الفرنسي هي صورة مصغرة للمشاكل الأوسع نطاقاً في كرة القدم الأوروبية، حيث تشكل الاستدامة المالية مصدر قلق متزايد. تعتمد الأندية بشكل متزايد على المالكين والمستثمرين الأثرياء لسد الفجوة بين الإيرادات والنفقات، وهي ممارسة رغم أنها توفر راحة قصيرة الأجل، إلا أنها تنطوي على مخاطر إذا سحب هؤلاء الداعمون الماليون دعمهم. في الختام، تتطلب الصحة المالية لأندية الدوري الفرنسي اهتماماً عاجلاً وتدخلاً استراتيجياً. يحتاج الدوري إلى استكشاف مصادر جديدة للإيرادات، وتطبيق لوائح اللعب المالي النظيف، وتعزيز الممارسات المالية المستدامة لضمان الاستقرار على المدى الطويل.

مع استمرار تطور مشهد كرة القدم، يجب أن تتطور النماذج المالية التي تدعمها، للحفاظ على نزاهة وتنافسية الرياضة.

مقالات ذات صلة
انتقل إلى الأعلى