الجدل الدائر حول لعب مباريات كرة القدم الأوروبية في الخارج
أثارت فكرة إقامة مباريات كرة القدم الأوروبية خارج القارة جدلًا كبيرًا بين مشجعي كرة القدم والإداريين والهيئات الإدارية.
وينظر البعض إلى اقتراح إقامة مباريات الدوري الإيطالي والدوري الإسباني في دول مثل الولايات المتحدة وأستراليا على أنه خيانة للقاعدة الجماهيرية الوفية لهذه الرياضة، وخاصة أولئك الذين دعموا أنديتهم المحلية في السراء والضراء. كان جلين ميكاليف، المفوض الأوروبي للرياضة، صريحًا في معارضته لهذه الخطط. فهو يجادل بأن كرة القدم الأوروبية يجب أن تبقى ضمن حدودها التقليدية، مشددًا على أهمية مشاركة المشجعين المحليين والأهمية الثقافية للرياضة في المجتمعات الأوروبية. ووفقًا لميكاليف فإن نقل مباريات الدوريات المحلية إلى الخارج ليس ابتكارًا بل خيانة للجماهير التي كانت العمود الفقري لهذه الأندية لأجيال. إن مفهوم لعب مباريات الدوري في الخارج ليس جديدًا تمامًا. فقد جربت العديد من الدوريات الرياضية في جميع أنحاء العالم هذه الفكرة في محاولة للاستفادة من أسواق جديدة وتوسيع نطاق تواجدها العالمي.
فالاتحاد الوطني لكرة القدم الأمريكية، على سبيل المثال، يقيم مبارياته بانتظام في لندن، بينما لعب دوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين مباريات في الصين والمكسيك. ومع ذلك، فإن كرة القدم، لا سيما في أوروبا، لها أهمية ثقافية واجتماعية فريدة من نوعها، ويرى الكثيرون أنه لا يمكن نقلها بسهولة إلى قارة أخرى. إن رد الفعل العنيف ضد هذه الخطط يذكرنا برد الفعل على الدوري الأوروبي الممتاز المقترح في عام 2021، والذي قوبل باحتجاجات واسعة النطاق من المشجعين واللاعبين وحتى المسؤولين الحكوميين. تم تعليق الدوري الممتاز في نهاية المطاف، لكن التوترات الكامنة بين التطلعات التجارية لأندية كرة القدم ورغبات قواعدها الجماهيرية لا تزال قائمة. يجادل مؤيدو لعب المباريات في الخارج بأن ذلك يمكن أن يفتح مصادر دخل جديدة ويزيد من الجاذبية العالمية للأندية الأوروبية.
الفوائد المالية المحتملة مغرية للأندية التي تضررت بشدة من الآثار الاقتصادية لجائحة كوفيد-19. ومع ذلك، يحذر المنتقدون من أن إعطاء الأولوية للمصالح التجارية على ولاء المشجعين قد يؤدي إلى تنفير المشجعين الذين دعموا الأندية خلال الأوقات الصعبة. كما أبدى ريتشارد ماسترز، الرئيس التنفيذي للدوري الإنجليزي الممتاز، رأيه في هذا الشأن، مشيراً إلى أن الجاذبية العالمية للدوري الإنجليزي الممتاز لا تستلزم نقل المباريات إلى الخارج. ووصف الإقبال على مثل هذه الأحداث بأنه "تبدد"، مما يشير إلى أن الحداثة قد لا تترجم إلى فوائد طويلة الأجل. ويتردد صدى هذا الشعور لدى العديد من المشجعين الذين يشعرون أنه لا ينبغي المساس بنزاهة الدوريات المحلية من أجل تحقيق مكاسب مالية قصيرة الأجل. يسلط النقاش حول لعب المباريات في الخارج الضوء على نقاش أوسع حول مستقبل إدارة كرة القدم.
هناك دعوة متزايدة لإشراك المشجعين بشكل أكبر في عمليات صنع القرار، مما يضمن بقاء الرياضة على اتصال بجذورها مع استكشاف فرص النمو. وقد وعد ميكاليف بأن يتم إشراك المشجعين بشكل كامل في المناقشات حول الرياضة والحوكمة، مؤكداً على الحاجة إلى الشفافية والمساءلة. في الختام، في حين أن فكرة لعب مباريات كرة القدم الأوروبية في الخارج قد تقدم بعض الحوافز المالية، إلا أنها تثير تساؤلات حرجة حول هوية الرياضة وعلاقتها بالجماهير. ومع استمرار عالم كرة القدم في التعامل مع هذه القضايا، فإن إيجاد توازن بين المصالح التجارية والحفاظ على الجوهر الثقافي للرياضة سيكون أمرًا بالغ الأهمية.
يمكن أن تشكل نتيجة هذا النقاش سابقة لكيفية تطور كرة القدم في السنوات القادمة.