جاري التحميل

التوزيع غير المتكافئ لعائدات البث التلفزيوني في الدوري الألماني: مصدر قلق متزايد

لطالما تم الإشادة بالدوري الألماني لكرة القدم كواحد من أكثر الدوريات تنافسية في كرة القدم العالمية، ولكن خلف الكواليس، يثير التفاوت المتزايد في توزيع عائدات البث التلفزيوني تساؤلات حول النظام المالي للدوري.

فقد كشف تقرير سري صدر مؤخراً عن رابطة الدوري الألماني لكرة القدم (DFL) عن وجود فجوات كبيرة في توزيع دخل البث التلفزيوني بين الأندية المحترفة ال 36 في الدوري الألماني والدوري الألماني 2. البوندسليجا، المقرر للموسم 2024/25. تسلط هذه الأرقام الضوء على التفاوت المتزايد الذي يمكن أن يكون له آثار دائمة على توازن الدوري وقدرته التنافسية. يتربع على قمة جدول الإيرادات التلفزيونية نادي بايرن ميونيخ، بطل الدوري الألماني لكرة القدم على الدوام، والذي من المقرر أن يحصل على 97.1 مليون يورو من إيرادات البث التلفزيوني. ويزيد هذا المبلغ عن ثلاثة أضعاف ما سيحصل عليه هولشتاين كيل، الصاعد حديثًا إلى دوري الدرجة الأولى في أسفل جدول الإيرادات (32.6 مليون يورو). إن هيمنة بايرن ميونخ على إيرادات البث التلفزيوني هي انعكاس لنجاحه المستمر على أرض الملعب، سواء على المستوى المحلي أو الدولي.

ويأخذ نموذج التوزيع في الاعتبار عوامل مثل التوزيع المتساوي (50%)، والأداء (43%)، وتطوير الشباب (4%)، والمصلحة العامة (3%) لتخصيص الإيرادات المحلية. بالنسبة لحقوق البث الدولي، يكون التوزيع أكثر ميلًا نحو الأداء، حيث يتم تخصيص 65% من الإيرادات بناءً على النجاح الدولي. هذا التباين الصارخ في توزيع الإيرادات لا ينفرد به الدوري الألماني. ومع ذلك، عند مقارنته بالدوريات الأوروبية الكبرى الأخرى، فإن التباين في البوندسليجا ملحوظ. على سبيل المثال، فإن الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي يعمل وفقًا لنموذج التوزيع الخاص به، لديه فارق أضيق بكثير يبلغ 1.6 مرة بين الأندية الأعلى دخلًا والأقل دخلًا. وعلى النقيض من ذلك، يبلغ الفارق في الدوري الألماني 3.0، وهو ما يضاهي الفارق في الدوري الإيطالي، ولكنه لا يزال متأخرًا عن الدوري الإسباني الذي يبلغ 3.5. الآثار المترتبة على هذه الفجوة في الإيرادات عميقة.

فأندية مثل بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند (87.5 مليون يورو) وباير ليفركوزن (86.4 مليون يورو) لديها القوة المالية التي لا تمكنها من السيطرة محليًا فحسب، بل أيضًا من المنافسة على الساحة الأوروبية. وفي الوقت نفسه، تواجه الأندية الأصغر حجمًا تحديات كبيرة في سد الفجوة داخل وخارج الملعب. فبالنسبة لفرق مثل هولشتاين كيل، فإن صعودها إلى البوندسليجا يجلب لها مكافآت مالية، ولكن تظل الفجوة في الموارد مقارنة بفرق الدرجة الأولى عقبة شاقة. كما أن الوضع في الدوري الألماني الثاني يرسم صورة مقلقة. فالفريق الأعلى دخلًا في الدوري، وهو نادي كولن 1، سيحصل على 30.9 مليون يورو، بينما سيحصل فريق SSV أولم الأقل دخلًا على 9 ملايين يورو فقط. أما الفارق في الدرجة الثانية فهو أكثر وضوحًا عند 3.4 مليون يورو.

لا تزال أندية مثل شالكه 04 وهيرتا بي إس سي، اللذان هبطا من الدرجة الأولى، يحصلان على مبالغ كبيرة بسبب أدائهما التاريخي وقاعدتهما الجماهيرية. وهذا يخلق بيئة صعبة للأندية الصغيرة التي تهدف إلى الصعود. تكمن المشكلة الرئيسية في اعتماد الدوري الألماني على الأداء التاريخي كمعيار رئيسي لتوزيع الإيرادات. في حين أن مكافأة النجاح أمر منطقي، إلا أنه يخاطر بترسيخ هيمنة الأندية العريقة ويجعل من الصعب على الفرق الصغيرة أو الصاعدة حديثًا المنافسة. يجادل النقاد بأن التوزيع الأكثر عدالة يمكن أن يعزز المنافسة وعدم القدرة على التنبؤ، وهما عنصران غالبًا ما يتم الاحتفاء بهما في كرة القدم. يفخر الدوري الألماني لكرة القدم بالحفاظ على نهج يركز على المشجعين، مع أسعار تذاكر معقولة وقاعدة ملكية 50+1 التي تعطي الأولوية لأعضاء النادي. ومع ذلك، قد تؤدي الفجوة المالية المتزايدة إلى تقويض هذه الروح.

قد تكافح الأندية الصغيرة للاستثمار في البنية التحتية وتطوير الشباب والفرق التنافسية، مما قد يؤدي إلى دوري أقل تنافسية بمرور الوقت. وتسلط المقارنات مع الدوري الإنجليزي الممتاز المزيد من الضوء على هذا التحدي. يضمن نموذج عائدات البث في الدوري الإنجليزي الممتاز توزيعاً أكثر توازناً، مما يسمح لفرق المستوى المتوسط والأدنى بالاستثمار بكثافة في فرقها. وقد ساهم ذلك في تعزيز سمعة الدوري الإنجليزي الممتاز كواحد من أكثر الدوريات التي لا يمكن التنبؤ بها وأكثرها إثارة في العالم. وعلى النقيض من ذلك، فإن الدوري الألماني يخاطر بالتحول إلى منافسة من مستويين ما لم يتم اتخاذ تدابير لمعالجة الخلل المالي. ويواجه الاتحاد الألماني لكرة القدم مهمة صعبة في التعامل مع هذه المشكلة. قد يواجه تعديل نموذج توزيع الإيرادات ليكون أكثر إنصافًا مقاومة من أندية القمة التي تستفيد بشكل كبير من النظام الحالي.

ومع ذلك، فإن الفشل في معالجة التفاوت قد يؤدي إلى عواقب طويلة الأجل على نزاهة الدوري وقدرته التنافسية. يستدعي الوضع تحقيق توازن دقيق بين مكافأة النجاح وضمان تكافؤ الفرص. مع استمرار تطور كرة القدم الأوروبية، يجب على الدوري الألماني أن يتكيف مع التطور المستمر في كرة القدم الأوروبية ليظل قادرًا على المنافسة محليًا ودوليًا. إن الهوية الفريدة للدوري ونهج المشجعين أولاً هما من نقاط قوته، ولكن يمكن أن يقوضهما التفاوت المالي المتزايد.

ستكون معالجة الفجوة في عائدات البث التلفزيوني أمرًا حاسمًا في الحفاظ على مكانة الدوري الألماني كواحد من أفضل بطولات كرة القدم في العالم.

مقالات ذات صلة
انتقل إلى الأعلى