نهضة كرة القدم الإيطالية: إصلاح الهيكل المالي للدوري الإيطالي
في السنوات الأخيرة، واجهت كرة القدم الإيطالية تحديات كبيرة، حيث تكبدت أندية الدوري الإيطالي خسائر جماعية بلغت 3.4 مليار يورو منذ موسم 2018/19.
ورداً على ذلك، تفكر الحكومة الإيطالية، بقيادة رئيس الوزراء جيورجيا ميلوني، في إجراء إصلاح جذري للنموذج المالي الذي يقوم عليه الدوري الإيطالي. ومن أهم محاور هذا الإصلاح هو الإلغاء المحتمل لـ "قانون ميلاندري"، الذي يحكم بيع وتوزيع عائدات حقوق البث في كرة القدم الإيطالية منذ عام 2009. ينص قانون ميلاندري حاليًا على أن يتم تقاسم 50% من عائدات البث بالتساوي بين جميع فرق الدوري الإيطالي، و28% يتم تخصيصها بناءً على الأداء الرياضي للأندية، و22% وفقًا لمقاييس مثل المشاركة الاجتماعية وحضور الجماهير في الملاعب وتطوير اللاعبين الشباب.
وعلى الرغم من أن هذه الهيكلية تهدف إلى خلق تكافؤ في الفرص، إلا أنها لم تنجح في منع المعاناة المالية للعديد من الأندية، ولم ترتقي بالدوري الإيطالي إلى المستويات التجارية التي حققتها نظيراتها الأوروبية مثل الدوري الإنجليزي الممتاز أو الدوري الإسباني. حاليًا، يحتل الدوري الإيطالي المرتبة الرابعة بين الدوريات الأوروبية الخمسة الأولى من حيث عائدات البث، حيث يحصل على صفقة بقيمة 1.1 مليار يورو سنويًا من الحقوق المحلية والدولية مجتمعة. وهذا أقل بكثير مقارنةً بالدوري الإنجليزي الممتاز الذي تبلغ قيمته 3.224 مليار يورو، والدوري الإسباني الذي تبلغ قيمته 2.029 مليار يورو، والدوري الألماني الذي تبلغ قيمته 1.439 مليار يورو.
كان المسؤولون التنفيذيون في كرة القدم الإيطالية يهدفون في البداية إلى الحصول على صفقة بقيمة 1.2 مليار يورو سنويًا في مفاوضاتهم الأخيرة، لكنهم اضطروا إلى القبول بأقل من ذلك. وتقترح حكومة ميلوني زيادة التوزيع العادل لعائدات البث إلى أكثر من 50% لضمان قدرة الأندية الصغيرة على المنافسة. ويُنظر إلى هذا النهج على أنه وسيلة لمعالجة الفوارق المالية التي وسعت الفجوة بين أندية القمة والقاع في الدوري. يقترح الإصلاح أيضًا السماح بعقود بث أطول أمدًا، تتجاوز ثلاث سنوات، مما قد يفتح السوق أمام استثمارات أكبر وصفقات أكثر ربحًا. ومع ذلك، توجد مقاومة لهذه التغييرات.
وقد أعربت أندية الدوري الإيطالي عن دهشتها ومعارضتها للإصلاحات المقترحة، خاصة وأن التغييرات لم تتم مناقشتها مع رابطة الدوري الإيطالي، حيث يرى ممثلو الأندية أنهم يساهمون بالفعل بنسبة 10% من عائدات البث لدعم البطولات الأدنى وتطوير الشباب، مما يشكك في ضرورة وعدالة المزيد من التغييرات. جانب آخر من الإصلاحات المقترحة هو تحديث البنية التحتية للملاعب. فالعديد من الملاعب الإيطالية عفا عليها الزمن، مما يعيق قدرة الأندية على زيادة إيرادات يوم المباراة وتقديم تجربة جماهيرية حديثة. تهدف الحكومة إلى تحفيز الاستثمار في الملاعب الجديدة وتجديد الملاعب القائمة، مما قد يوفر مصدر دخل إضافي للأندية ويعزز من جاذبية الدوري الإيطالي بشكل عام. ويجري النقاش حول هذه الإصلاحات على خلفية تراجع مكانة كرة القدم الإيطالية على المستوى الدولي، بعد أن كانت ذات يوم قمة كرة القدم الأوروبية.
الأمل هو أنه من خلال إعادة هيكلة النموذج المالي وتحسين البنية التحتية، يمكن للدوري الإيطالي أن يستعيد مجده السابق واستقراره المالي.
يبقى أن نرى ما إذا كان من الممكن تنفيذ هذه الإصلاحات بشكل فعال، لكنها تمثل خطوة مهمة نحو معالجة المشاكل المنهجية التي ابتليت بها كرة القدم الإيطالية لسنوات.