البنية التحتية لكرة القدم في إيطاليا: دعوة للتحديث
في عالم كرة القدم الأوروبية، يلعب بناء الملاعب وتحديثها دورًا محوريًا ليس فقط في تعزيز تجربة المشجعين ولكن أيضًا في تعزيز الأثر الاقتصادي للرياضة.
إيطاليا، الدولة ذات التاريخ العريق في كرة القدم، تجد نفسها متخلفة في هذا الجانب المهم. من عام 2007 إلى عام 2024، شهدت أوروبا بناء 226 ملعباً جديداً، باستثمارات ضخمة بلغت 25.3 مليار يورو. وتصدرت دول مثل بولندا وتركيا المشهد، حيث افتتحت كل منهما أكثر من 30 ملعباً جديداً، تليها ألمانيا وروسيا. وعلى العكس من ذلك، ساهمت إيطاليا، على الرغم من دوري الدرجة الأولى الإيطالي العريق، بنسبة 1% فقط من هذا التوسع في البنية التحتية، بستة ملاعب جديدة فقط. ويُعد ملعب يوفنتوس في تورينو وملعب داسيا أرينا في أوديني وملعب أتالانتا الجديد من بين الاستثناءات القليلة. يبلغ متوسط عمر الملاعب في الدوري الإيطالي 56 عامًا، ويرتفع إلى 74 عامًا في دوري الدرجة الثانية، مما يوضح الحاجة الملحة للتجديد والإنشاءات الجديدة.
وعلاوة على ذلك، فإن 22% فقط من ملاعب دوري الدرجة الأولى الإيطالي مزودة بمصادر طاقة متجددة، كما أن 8% فقط من ملاعب كرة القدم الإيطالية المحترفة مملوكة للقطاع الخاص. هذه الإحصائيات مثيرة للقلق، خاصة عند النظر في الفوائد الاقتصادية المحتملة للملاعب الحديثة. تعد المشاريع الحالية، التي يبلغ مجموعها 31 مشروعًا في مراحل مختلفة من التخطيط أو البناء، بإضافة 820,000 مقعد، مما يتطلب استثمار 5.1 مليار يورو. من المتوقع أن يساهم هذا المسعى في إضافة 6.1 مليار يورو إلى الناتج المحلي الإجمالي لإيطاليا، مع تأثيرات كبيرة في قطاعات البناء والتصنيع والقطاعات المهنية، مما يخلق حوالي 80,000 وظيفة. يُقدّر التأثير المضاعف لهذا الإنفاق بـ 1.21، مع عائدات ضريبية تتجاوز 1.8 مليار يورو.
وبعيداً عن المقاييس الاقتصادية، هناك زيادة متوقعة في عدد الحضور الجماهيري في الملاعب بمقدار 1.2 مليون، مع فوائد اقتصادية مباشرة من مبيعات التذاكر والسياحة والرعاية تصل إلى زيادة قدرها 562 مليون يورو. ومع ذلك، فإن مشهد كرة القدم الإيطالية لا يتعلق فقط بالأرقام. فتجربة المشجعين أمر بالغ الأهمية، ومع تحقيق الدوري الإيطالي أعلى متوسط حضور جماهيري منذ موسم 1992-1993، من الواضح أن المشجعين يتوقون إلى المزيد. شهد الدوري الإيطالي متوسط حضور جماهيري بلغ 31,172 متفرجًا في المباراة الواحدة، وتجاوز إجمالي الحضور الجماهيري 11.8 مليون متفرج، مما جعله يحتل المركز الثالث في أوروبا بعد الدوري الإنجليزي الممتاز والدوري الألماني. يؤكد أريجو ساكي، وهو شخصية أسطورية في كرة القدم الإيطالية، على ضرورة أن تتماشى الأندية الإيطالية مع النماذج التي تعتمد على الترفيه في إنجلترا وإسبانيا وألمانيا وفرنسا.
ويؤكد ساتشي أن كرة القدم الإيطالية يجب أن تتطور، مع التركيز ليس فقط على الدفاع بل على أسلوب لعب هجومي وجذاب يلقى صدى لدى الجماهير الحديثة. ويتطلب هذا التطور ملاعب حديثة يمكنها استضافة مثل هذه العروض. إن رحلة إيطاليا نحو تحديث البنية التحتية لا تتعلق فقط بالمكاسب الاقتصادية بل بالحفاظ على إرثها الكروي وتعزيزه.
ومع تقدم البلاد إلى الأمام، فإن دمج المرافق الحديثة والطاقة المتجددة والملكية الخاصة سيكون أمراً حاسماً في ضمان بقاء إيطاليا قوة في المشهد الكروي العالمي.